ما هو الانفرتر؟ وكيف يقوم بتحويل التيار المستمر إلى تيار متردد؟

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سنتعرف اليوم ومن خلال هذه المقالة على الانفرتر (inverter) أو العاكس الكهربائي حيث سنخوض في العديد من التفاصيل حول مبدأ عمله، وتطبيقاته المختلفة والمجالات التي يستعمل فيها، لذا يُرجى قراءة هذا المقال بتمعن حتى تحقق منه أقصى إستفادة.

ما هو الفرق بين التيار المتناوب (AC) والتيار المستمر (DC)؟

قبل أن نخوض في غمار الانفرتر من المهم أن نتعرف أولا على الفرق بين التيَّارين المستمر والمتناوب، يسري التيار في إتجاهين إثنين سواء بطريقة مستمرة أو بطريقة متناوبة. الكهرباء أو بالأحرى التيار ليس إلا عبارة عن حركة الإلكترونات داخل مادة ناقلة كالأسلاك النحاسية على سبيل المثال، يكمن الفرق بين التيار المتناوب والتيار المستمر في إتجاه حركة الإلكترونات.

• التيار المستمر (DC): تسري الإلكترونات في التيار المستمر بطريقة مستمرة وفي إتجاه واحد فقط.
• التيار المتناوب (AC): تسري الإلكترونات في التيار المتناوب بطريقة متناوبة أي أنها تغير إتجاه حركتها بإستمرار، تارة إلى الأمام وتارة أخرى إلى الخلف.

حرب التيارات:

يعتبر توماس إيديسون أحد أعمدة المجال الكهربائي، وهذا بفضل إختراعاته واكتشافاته العديدة التي فاقت الألف، كما يُعتبر من بين العلماء الذين كانوا مصرين على تفضيل التيار المستمر على التيار المتناوب.

في الجانب المقابل يجلس لدينا نيكولا تيسلا، الذي يُعتبر أيقونة هو الآخر في مجال الهندسة الكهربائية وخصم توماس إيديسون اللدود وهذا بسبب إصراره على أن التيار المتناوب أفضل بكثير من التيار المستمر.

توماس إيديسون (على اليمين) ونيكولا تيسلا (على اليسار)

حاول توماس إيديسون بكل ما أوتي من قوة إثبات صحة موقفه، وكانت حجته الرئيسية التي أراد بها أن يُقنع العالم بإستعمال التيار المستمر هي إثبات خطورة التيار المتناوب على حياة الإنسان، ومن أجل هذا قام بصعق فيل حتى الموت بواسطة التيار الكهربائي (تيار متناوب طبعا)، بل وقام أيضا بإختراع الكرسي الكهربائي الذي يعتمد في عمله على التيار المتناوب.

رغم محاولات إيديسون الحثيثة إلا أن نيكولا تيسلا هو من إنتصر في النهاية وبقيت إلى اليوم الطريقة الأفضل من أجل نقل الكهرباء عبر مسافات طويلة هي التيار المتردد، نظرا لخصائصه العديدة والتي من بينها عدم وجود ضياع محسوس للطاقة عند نقلها خصوصا عبر المسافات الطويلة على عكس التيار المستمر الذي يعتبر الفقدان الكبير للطاقة عند نقله من بين عيوبه الرئيسية.

ما هو الانفرتر؟

الآن وبعد أن تعرفنا على الفرق بين التيارين المستمر والمتردد دعونا نتعرف على الانفرتر، الانفرتر عبارة عن دائرة الكترونية قادرة على تحويل التيار المستمر (DC) إلى تيار متردد (AC) له قيمة جهد وتردد معلومان، لنَقُل أننا نرغب على سبيل المثال في تشغيل أحد الأجهزة المنزلية كالثلاجة والتي كما نعلم لا تشتغل إلا بواسطة تيار متناوب تردده 50 هيرتز (أو 60 هيرتز في بعض الأحيان) وتتطلب جهدا معلوما قدره 230 فولت لكننا لا نملك مصدرا كهربائيا بهذه المواصفات ولا توجد لدينا سوى بطارية سيارة 12 فولت، ماذا يمكننا أن نفعل في هذه الحالة؟ هل نستسلم؟ طبعا لا، يمكننا استخدام انفرتر من أجل تحويل 12 فولت الخاصة بالبطارية (البطارية عبارة عن مصدر للتيار المستمر) إلى تيار متناوب بجهد 230 فولت وتردد 50 هيرتز.

تُستعمل الانفرترات عادة في تطبيقات الخلايا الكهروضوئية (photovoltaic cell) وهذا بغرض توفير الطاقة اللازمة من أجل المنازل المعزولة أو الأكواخ الجبلية البعيدة بل وحتى في المناطق العمرانية.

تُصنف الانفترات حسب طبيعة الإشارة التي يمكن أن تعطيها عند الخرج، يمكننا تمييز ثلاثة أنواع رئيسية من الانفرترات هي:

• انفرتر الموجة الجيبية.
• انفرتر الموجة شبه الجيبية.
• انفرتر الموجة المربعة.

كيف يعمل الانفرتر؟

حسنا، تبدو متشوقا لمعرفة الظاهرة الفيزيائية الممتعة التي تسمح للتيار بأن يتحول من نوع إلى نوع آخر، بادئ ذي بدء يجب أن نعلم أن طريقة عمل الانفرتر قد تختلف من نوع إلى آخر، لكن بصفة عامة الانفرترات لها بنية ترتكز على بنية الجسر اتش (H bridge)، حيث يتم توصيل أربعة من العناصر الإلكترونية التي يمكن توظيفها كمفتاح مثل ترانزستورات القدرة أو الثيرستورات على التسلسل بحيث تتخذ شكل الحرف H مثلما توضححه الدائرة التالية:

بفضل تقنية عرض النبضة (PWM) يمكننا التحكم في تيار المصدر (تيار مستمر) من اجل الحصول على تيار متناوب وبالتردد الذي نرغب بالحصول عليه.

من أجل توضيح الفكرة وتقريبها إليك أكثر دعونا نأخذ مثالا بسيطا، فكما يقولون بالمثال يتضح المقال، لتكن الدائرة الكهربائية التالية:

كما توضح الدائرة فإن مصدر التغذية عبارة عن بطارية وكما نعلم فإن البطارية عبارة عن مصدر للتيار المستمر، من أجل تحويل هذا التيار المستمر إلى تيار متردد هناك أربعة مفاتيح، بحيث أن المفتاح 1 مقترن مع المفتاح 4، والمفتاح 2 مقترن مع المفتاح 3، بمعنى آخر إذا كان المفتاحان 1 و4 مغلقين فإن المفتاحين 2 و3 سيكونان مفتوحين والعكس صحيح، وهذا ما سيدفع التيار بالمرور عبر اتجاهين مختلفين، أي أن هذا التيار المستمر سيغير اتجاه سيرانه مثلما يفعل التيار المتردد. 

إذا أغلقنا المفتاحين 2 و3 فإن التيار سيسري من الجهة اليمنى للمصباح، أما إذا أغلقنا المفتاحين 1 و4 فإن التيار سيسري من الجهة اليسرى للمصباح، كما ترى فإنه ورغم أن مصدر التغذية (البطارية) عبارة عن تيار مستمر إلا أن المصباح يسري من خلاله تيار متناوب.

لا تعتبر الموجة التي تصل إلى المصباح موجة جيبية بل موجة مربعية، كذلك فإن فتح وغلق المفاتيح يعتبر عملية سريعة جدا على أن يقوم بها الإنسان، فتيار متناوب تردده 50 هيرتز يقوم بتغيير إتجاهه 50 مرة في الثانية وهذا ما لا يمكننا القيام به إلا في حالة ما إذا كنا بطلا خارقا كأولئك الذين نشاهدهم في الأفلام أو ببساطة شديدة يمكننا إستعمال بعض العناصر الإلكترونية كالموسفت أو الدايود. 

الخلاصة:

وبهذا نصل إلى ختام هذه المقالة حيث تعرفنا فيها على عديد المفاهيم بدءا من الفرق بين التيار المتردد والتيار المستمر، وظيفة الانفرتر، والطريقة التي يعمل بها، كما عدنا قليلا في الزمن أيضا وعشنا غمار حرب التيارات بين توماس إديسون ونيكولا تسلا وعرفنا كيف إنتهى هذا الصراع لصالح هذا الأخير ولماذا.

إذا أعجبك الموضوع لا تنسى مشاركته مع أصدقائك عبر وسائل التواصل الإجتماعي كما بإمكانك ترك تعليق في خانة التعليقات في الأسفل فهذا يشجعنا على تقديم المزيد، وفي حالة ما كان لا يزال لديك سؤال حول الانفرتر أو أنك ترى أننا لم نغطي الموضوع بشكل كافي يمكنك كذلك ترك تعليق وسنجيبك بأسرع وقت ممكن إن شاء الله.